من جواهر العلاّمة الألباني:الرّد على شبهة خطيرة : التمسك بالسنة يعرقل الدعوة

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه أما بعد : فإنّ أهل الأهواء كانوا و لا يزالون يجتهدون في صناعة الشبهات لصدّ الناس عن الحق و صرفهم عما يحبّه الله و يرضاه من عباده الصالحين من الأعمال الظاهرة و الباطنة ولذلك فهم يجدّون في اختراع أصول و تقعيد قواعد للتلبيس على الناس مما( يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ) . قال أبو عبد الأعلى خالد بن عثمان المصري حفظه الله في الكواشف الجلية ص 30 : ( عن أبي الدرداء رضي الله عنه : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن نذكر الفقر و نتخوّفه فقال : آلفقر تخافون ؟ و الذي نفسي بيده لتصبّن عليكم الدنيا صبّا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إزاغة إلاّ هي . و أيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء .
قال أبو الدرداء صدق و الله رسول الله تركنا و الله عليها مثل البيضاء ليلها و نهارها سواء )
قلت –أبو عبد الأعلى - : و عليه فإنّ أصول دعوة النبي صلى الله عليه و سلم – و التي حملها السلف الصالح – واضحة جلية مثل البيضاء لكن خيول و رَجِل أهل الأهواء أثارت غبارا من الشبهات حتى تعمي الأبصار عن هذه الدعوة الصافية ... اهـ
و من هذه الشبهات التي أثيرت و لا تزال لصرف الناس عن السنة قولهم : إنّ التمسك بالسنّة و العمل بها يعرقل الدعوة (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلاّ كذبا ) وقد طرحت هذه الشبهة المضلّلة الشائعة جدّا – للأسف - على العلامة الألباني رحمه الله فردّها بكل قوّة و وضوح كما تجد في جوابه الآتي من سلسلة رحلة النور الشريط رقم 24 الوجه ( أ )
هذه من مصائب العصر الحاضر أصبح كل الناس ما شاء الله دعاة و هؤلاء لا يكاد يفهم من العلم إلا نزرا قليلا و على ذلك فهو من عبيد عقله و علمه الضعيف و لذا يرى أن المحافظة عل السنن يعرقل الدعوة , ما هي الدعوة ؟ الدعوة هي الإسلام , ما هو الإسلام ؟ الإسلام هو عبارة عن عقيدة , عن أحكام عن أخلاق و سلوك و آداب و نحو ذلك , من يقول أن المسلم إذا تمسك بالسنن الثابتة على الرسول صلّى الله عليه و سلم يعرقل الدعوة ؟ من يقول هذا الكلام ؟ هل هو من أهل العلم و المجتهدين الذين ينبغي للآخرين الأخذ من أقوالهم كما ذكرنا آنفا لقول الله :( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) أم هو في العلم كما يقال : ( لا في العير و لا في النفير) ومع ذلك يخوض معنا أن التمسك بالسنة يعرقل الدعوة .
إذا تمسكنا بالسنة أن نبينها للناس و إذا بعد البيان فالمسؤولية تقع على الذين لا يفرقون الحُمر عن الأُسد فيرون أن التمسك بالسنة ينفر الناس , أنا أعلم أنه ينفر الناس الجهلة لكننا ّإذا قلنا لهم إن هذه سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بينّا لهم عارضنا بهذا الكلام : أن هذه السنة , ولكن تعرقل الدعوة .فمّمن تكون العرقلة للدعوة ؟ ممن يحبون السنة و يحرصون على تطبيقها أم الذين يكرهون السنة ؟ فالذين يحبون السنة يعملون بها ثم لا يقولون أنها تعرقل الدعوة أما الذين يكرهون السنة و يعتبرون المتمسكين بها من المتشددين بها فهؤلاء هم أعداء السنة و إن قالوا إننا نحبّ السنة و ندعو إليها أو إلى الفقه دون العمل بالسنة فكلاهما سواء فلذلك أنا أعتقد أن آفة هذا العصر نشوء هذه الأقوال بين النّاس : أن المتمسك بالسنة يعرقل الدعوة ولا يعدمون من ..؟.. ما يشبه أنها حجة و من ذلك مثلا قوله عليه الصلاة و السلام للسيدة عائشة حين أرادت أن تدخل الكعبة و تصلي في الكعبة اقتداء بالنبي , فقال عليه الصلاة و السلام صلي في الحجر فإنه من الكعبة و لولا أن قومك حديثي عهد بالشرك لهدمت الكعبة و بنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام و لجعلت لها بابين على الأرض باب يدخلون منه و باب يخرجون منه . فتقول من قال هذا ؟ هل هو مثلك أنت لا تعلم من العلم شيئا أم هو سيد العلماء و هو الذي جاءنا بهذا العلم و يعلم الأثر من فعل هذا الشيء و أنت لا تدري . فأنت تترك السنة اتباعا لهوى نفسك هذه هي الحقيقة و ليس كما تزعم أنه حرص على الدعوة و أنه التمسك بالسنة مؤخر للدعوة .
و بالإضافة إلى هذا أقول شيئا آخر : السنة تنقسم إلى ثلاثة أقسام منها : هي فرض ومنها ما هو شبه مؤكد و منها ما دون ذلك . من الذي يستطيع أن يقرر ما كان منها فرضا وما كان منها سنة مستحبة . فهؤلاء الذين يقولون أنه لا يجوز التمسك بالسنة لأنها تعرقل الدعوة هؤلاء لا يعلمون من العلم إلا نزرا قليلا و لذلك يقولون كلاما لتقسيم الإسلام إلى قسمين : قسم يسمونه اللّب و آخر يسمونه القشر أو شيء يسمونه ضروري و آخر يسمونه ثانوي . من الذي جاء بهذا التقسيم ؟ لقد قال عليه الصلاة و السلام : ( أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن تمت فقد أفلح و إن نقصت فقد خاب و خسر , فإن نقصت قال الله: انظروا هل لعبدي من تطوع تتموا له به فريضته ) التطوع هو الذي يسمونه القشر أو يسمونه بالشيء الثاني و الواجب عندهم هو فقط أن يكون ..؟.. لكن هم لجهلهم لا يشعرون أو لا يعلمون أن التطوع قد شرعه الله لإتمام ما يكون في عباداتنا المفروضة من نقصان فإذا قيل نحن الآن نترك القشور و نأخذ اللباب لزم منه شيئان اثنان أحدهما أن ننسب الشرع إلى أن فيه قشرا لا فائدة منه و الواقع أن هذا القشر هو الذي يمثل الشرع هو مأخوذ من قشر الثمار ,بعض الفواكه فهل من قائل سيقول أن الله جعل للفواكه كلها قشرا أن ذلك كان منه طيشا سبحانه و تعالى حاشا لله عزّ و جل بل هذا أمر بدهي لو لم يكن لهذا اللّب قشرا يحافظ عليه لما كان هناك شيء اسمه لبّ يتغذى به ... فلمّا شبهوا الإسلام - وهذا لا يجوز – بأنه كهذه الثمار عبثا ما جعل الإسلام لبّا و قشرا عبثا بل لأنّ هذا القشر يحافظ على اللّب إذا فلنحافظ على القشر ... هذا من مصائب العصر الحاضر فلا يقول ذلك إلا الذين لا يهتمون بالسنة و إنما يجهلونها ولا يعرفون قيمتها و يريدون أن نجمع الناس على شيء يخالف السنة بزعمه و هذا الشيء لا يمكن أن يكون صحيحا إلا إذا كان على السنة لقوله تبارك و تعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه و سلم : (و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) و الذكر هنا هو السنة بكل أقسامها فمن العجب أن هؤلاء ..؟.. و لأهل الحديث الذين يقولون أنه يجب أن نعمل بالإسلام كلّا لا يتجزّأ ... فهم يشتغلون بالسنة و البدعة ولا يهتمون بما يسمى السياسة و نحو ذلك هم يقولون نشتغل بالإسلام كلاّ . ماذا يعنون بكلمة كلاّ ؟ أي ليس بالطهارة و الصلاة و الاشتغال بالسياسة و ..الخ فلا بحث في العقيدة أو في العبادة ما وافق منها الكتاب و السنة أو لم يوافق فرجعوا بخفي حنين فلم يحققوا الإسلام الكل الذي دعوا إليه وإن الدعوة إلى السياسة و.؟ وما شابه ذلك بدليل أن بعض هذه الجماعات مضى عليها أكثر من نصف قرن من الزمان ثم ولما يقال في بعض البلاد : مكانك راوح , فهناك الكثير من النشاط لكن ليس هناك أي تقدم بينما لو سألنا عالما من السلفيين ... يعلمون التوحيد يعلمون السنة يعرفون .. الخ ففي مدد قليلة تغيّرت عقول هؤلاء لأنهم رجعوا إلى الكتاب و السنة , لذلك يقول عليه الصلاة و السلام : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا إن تمسكتم بهما كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض ) اهـ عند الدقيقة 16
ملحوظة : هذا الرمز : ( ..؟.. ) إشارة إلى كلام غير مفهوم من التسجيل و معظمه لا يتجاوز الكلمتين و الثلاثة .
و لا تنسونا من صالح دعائكم ..