الشيخ السعدي رحمه الله يصف حالنا
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد :
.يقول الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله معلقاً وشارحاً حديث النبي عليه الصلاة والسلام:
" يأتي على الناس زمانٌ ؛ القابض على دينه كالقابض على الجمر " .
_ يقول رحمه الله :
(( وما أشبه زماننا هذا بهذا الوصف ,, الذي ذكره صلى الله عليه وسلم ، فإنه ما بقي من الإسلام إلا اسمه , ولا من القرآن إلا رسمه ، إيمانٌ ضعيف , وقلوبٌ متفرّقة , وحكوماتٌ متشتتة , وعداوات وبغضاء باعدت بين المسلمين ، وأعداءٌ ظاهرون وباطنون , يعملون سرّاً للقضاء على الدين , وإلحاد وماديّات , جرفت بخبيث تيّارها وأمواجها المتلاطمة الشيوخ والشبّان , ودعايات إلى فساد الأخلاق والقضاء على بقيّة الرَّمَق ، ثم إقبالُ الناس على زخارف الدنيا ؛ بحيث أصبحت هي مبلغ علمهم وأكبر همهم , ولها يرضون ويغضبون ، ودعاية خبيثة للتزهيد في الآخرة , والإقبال بالكليّة على تعمير الدنيا , وتدمير الدين , واحتقاره والاستهزاء بأهله , وبكل ما يُنسب إليه , وفخرٌ وفخفخة ، واستكبار بالمدنيات المبنية على الإلحاد التي آثارها وشرورها قد شاهده العباد ، فمع هذه الشرور المتراكمة والأمواج المتلاطمة , والمزعجات الملمة , والفتن الحاضرة والمستقبلة المدلهمة - مع هذه الأمور وغيرها - تجد مصداق هذا الحديث ، ولكن مع ذلك ؛ فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله , ولا ييأس من روح الله , ولا يكون نظره مقصوراً على الأسباب الظاهرة , بل يكون ملتفتاً في قلبه كل وقت إلى مسبب الأسباب , الكريم الوهاب , ويكون الفرج بين عينيه , ووعده الذي لا يُخلفه ، بأنه سبحانه سيجعل بعد عسرٍ يسراً , وأن الفرج مع الكرب , وأن تفريج الكربات مع شدة الكربات وحلول المفظعات ، فالمؤمن من يقول في هذه الأحوال : لا حول ولا قوة إلا بالله , وحسبنا الله ونعم الوكيل , على الله توكلنا , اللهم لك الحمد , وإليك المشتكى , أنت المستعان وبك المستغاث , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ويقوم بما يقدر عليه من الإيمان والنصح والدعوة , ويقنع باليسير إذا لم يمكن الكثير , وبزوال بعض الشرّ وتخفيفه إذا تعذّر غير ذلك .
{ ومن يتق الله يجعل له مخرجا } , { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } , { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } )) . انتهى كلامه رحمه الله .
نقلاً من كتاب : [ بهجة قلوب الأبرار ] للشيخ ابن سعدي رحمه الله ص 201 , 202 .
عن المجموعة البريدية انصار الله