ما نصيحتكم في امرأة تؤخر زواجها إذا خطبها صاحب دين وأخلاق بادعائها أنّه ليس طالب
علم، وهي لا تتصور أن تعيش مع رجل لا يعرف عن الإسلام سوى الخطوط
العريضة.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، أمّا
بعد:
فإنّ ما صرحت به النصوص الحديثة أنّ المرأة هي صاحبة الشأن الأول
والقرار في الزواج، فلا يحلّ أن يهمل رأيها أو يغفل رضاها أو يتعسف في عدم
استشارتها.
والعاقلة لا تؤخر أمر زواجها إذا ما خطبها رجل كفء صاحب دين وشرف
وحسن سمت فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلاّ
تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"(١) ولا يخفى أنّ الحديث قيّده بالدين والخلق
لأنّ صاحب الدين إن عاشرها عاشرها بالمعروف وإن سرحها سرحها بإحسان على ما أشارت
إليه الآيات، فكم من طالب علم لم ينتفع بما تعلّم وحرم العمل الذي هو ثمرة العلم،
واتّصف بمساوئ الأخلاق وابتعد عن الشرع.
ويكفي في اعتقادي أن يكون الرجل
المناسب متّصفا بالتقوى يحبّ العلم والعلماء، وإن لم يكن عالما أو طالب علم، ولهذا
لمّا قيل للحسن بن علي: إنّ لي بنتا فمن ترى أن أزوجها له؟ فقال: "زوجها لمن يتقي
الله فإن أحبّها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها"، هذا كلّه بغض النظر عن قدرة الزوج
على النفقة الواجبة عليه بالدخول، فإن كان عاجزا عن ذلك فقد تخلف فيه شرط النكاح
وإن كان دينا وصاحب خلق، لقوله صلى الله عليه وسلم:"يا معشر الشباب من استطاع منكم
الباءة فليتزوج" (٢).
فإن كانت السائلة لا تتصور أن تعيش مع زوج لا يعرف عن
الإسلام سوى الخطوط العريضة, فإنّ لها أن تشترط على من ذكرنا ممّن يتصف بالدين
والخلق في عقد النكاح أن يفسح لها المجال للمزيد من طلب العلم وأن لا يحرمها من
المجالس العلمية عامة كانت أو خاصة, فالحاصل إن وجد الفقيه أو طالب العلم ديِّنا أو
صاحب خلق فخير كبير تتمناه السائلة، ونسأله تعالى أن يرزقها بهذا المرغوب فيه، وإن
تعذر وخيف فوات الأوان في البحث، فصاحب الدين والخلق أولى من طالب العلم أو الفقيه
الفاقد لمعاني التقوى وحسن الخلق.
والله أعلم بالصواب وآخر دعوانا أن الحمد
لله رب العالمين وصلّ اللّهم على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى
يوم الدين وسلم تسليما.