بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
واللهِ لو أنَّ القُلُوبَ سَلِيمةٌ **** لتَقطَّعت أسفاً مِن الحِرمَانِ
قال الشيخ محمد بن صالح العُثيمين- رحمه الله- تعالى في شرح هذا البيت :-
أقسَمَ وصدق؛ والله لو أنَّ قُلُوبَنا سليمة لتقطَّعتْ أسفاً من الحِرمانِ، ما أكثـرَ السَّاعات التي تمرُّ بنَا ونحنُ نُحرَمُ منها لانستفيدُ منها تذهبْ سَبَهللا والعُمرُ والزَّمن أغلى منَ الثمن، أغلى منَ الذهب، وأغلى منَ الفِضة، الذهب والفِضة لو ذهبت يأتِي بدلها شيء، لكن العُمر والزمن لا يأتِي بدله شيء إذَا ذهبَ ذهبْ، مافي ردْ ( وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون]
( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا ) -مافِي رُجُوع- ( إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون]
( لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) [التغابن]
أنت الآن في مُهلة اغتنم الوقت اجعل لِنفسِك حِزباً من كِتاب الله عزَّوجل، اجعل لِنفسِك وقتاً للعمل الصالح، قُم في آخر الليل ولو نِصف ساعة قبل الفجر، ناجي ربَّك، ادعُو فإنَّهُ تعالى ينزل للسَّماء الدُّنيا يقُول: من يدعوني فأستجيب له،من يسألني فأُعطيه، من يستغفرني فأغفرله.
من الذي لايقدر أن يقُوم قبل الفجر بنِصف ساعة؟! أمرٌ بسيط جداً، نحن نسأل الله أن يرحمنا برحمته، لا نقوم ثلث الليل ونصف الليل لكن ألا تَرى أن نقوم نصف ساعة فقط!! نذكر الله فيها, نتوضأ، نُصلي ما شاء الله، نوتر، هذا أمر أظنه بسيط جداً، كذلك أيضاً نجعل حياتنا كُلُّها ذكراً لله، فإنَّ المؤمن الكيِّس هو الذي يجعل حياتهُ كُلَّها ذكراً لله، لأن في كلِّ شيء أمامنا آية من آيات الله - آية من آيات الله-، فإذا ذكرنا هذا الشيء الذي أمامنا من آيات الله ذكرنا بذلك الله عزَّوجل -ذكرنا الله-، فيكُون الإنسان دائماً يذكر الله عزَّ وجل ِبما يُشاهده من آيات الله الكونية، بل بما يُشاهد من نفسه وتقلُباته، -القلب الآن- أنا أسألُكُم هل قُلوبكم على وَتِيرةٍ واحدة دائماً؟
لا، في غفلة أحياناً، في إنابة أحياناً، في تذكر أحياناً، في حياة بينة أحياناً، أحياناً يحي قلبك حياةً تتمتع بها مدة من الزمن تتذْكُرها، ربما تتذكر حالةً وقفت فيها بين يدي الله عزَّ وجل مُصليا ساجِداً من قبل ثلاثين سنة أو أكثر حسَب عُمر الأنسان، لأنها أثَّرت في القلب فمثل هذه الأشياء ينبغي أن نستغلها، ينبغي أن نستغلها وأن لانغفل فالغفلة موت، قسوة للقلب وموت للقلب.
يقول:
والله لو أنَّ القُلوب سليمةٌ **** لتقطَّعت أسفاً من الحِرمان
حُزناً تتقطع من حرمانها
لكنَّها سكرى بحُبِّ حياتها الدُّنيا
وصدق القُلوب سكرى، بل لحُب حياتها الدُّنيا تسعى للدُّنيا أولاً وآخراً، ينام الإنسان وهو يُفكر في الدُّنيا يستيقظ وهو يُفكر في الدُّنيا،
نعم، ومتى تفيق؟ قال:
وسوف تفيقُ بعد زمان
متى؟
عند الموت يفيق الإنسان، يقول: ليتني فعلت، ليتني فعلت.
وأشدُّ من ذلك إفاقةً إذا كان يوم القيامة (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي)،
وقال الله تعالى:( وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)[الفرقان]، أو يقولها قائل نفس الذي عض على يديه يقول: (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا)
وهناك لاينفع الندم عند الموت، لاينفع الندم،