اكتمال العقد الشرعي بالعقد المدني
نبه شيخنا الشيخ فركوس حفظه الله إلى قضية يجب التنبه لها في وقت ماتت فيه الذمم والله المستعان:
نص الفتوى:
في اكتمال العقد الشرعي بالعقد المدني
السؤال: هل يكفي العقد الشرعي للخروج مع الزوجة أو الخلوة بها بدون عقد مدني؟ أفيدونا.
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالذي يقتضيه الواجب أن يقال بعدم كفاية العقد الشرعي أو العرفي إلاّ إذا اكتمل بالعقد المدني أو الاكتفاء بالعقد المدني ليكون منتجا لآثار العقد، ذلك لأنّ العقد الشرعي مجرد خطبة في نظر القضاء الجزائري فلا يكون للمرأة الحصانة القضائية الكافية للمطالبة بحقوقها فيما إذا توفي أحدهما أو حدث نزاع بينهما أدّى إلى الفراق بعد أنِ اختلى بها واختلط، لذلك يجب إتمام العقد الشرعي بالعقد المدني، ومع ذلك أكره له الخروجَ معها بالنظر إلى تغيّر الأزمان وفسادها، وخلوته بها في أماكن التّهم التي تنعكس سلبا على عموم الملتزمين من جهة، ومن جهة أخرى فسح المجال له لقضاء مآربه قد يورّثه بغضا وكراهة لها، و "من استعجل الأمر قبل أوانه عوقب بحرمانه" الأمر الذي يعجل في انحلال الزواج القائم بينهما، كُلُّ ذلك سدًّا للذريعة، وصيانةً لعِرض المسلم، وقد أفتى بعض علماء الأحناف بناء على جواز تغيير الحكم بتغيير الزمان بأنه لا تخرج المرأة إلى الصلاة في المساجد خشية الافتتان، ومما يؤكد ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست مكتملة وداخلة في السابعة، وكانت بنت تسع سنين(1) حين دخل بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شوال في السنة الأولى من الهجرة (2) ولم يعلم عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه خرج معها أو اختلى بها وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا كلّه في حالة ما إذا حدث قبل الخلوة بها والخروج معها، أمّا إذا قام بالفعل فينصح ألاّ يعود ولا يترتّب على فعله إثم لوجود العقد الرابط بينهما شرعا.
والحاصل أنّ العقد يجيز له ما لا يجيز لغير العاقد، لكن يمنع ممّا يباح له أصالة تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وخشية تضرّر المرأة بعدم الحصانة، وما يترتّب عليه في ظل فساد الزمان والمجتمع.
والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الإستمتاع بالزوجة بعد العقد الشرعي
سؤال الفتوى : السلام عليكم عندنا بعض الشباب لما يريد ان يتزوج فتاة يعقد عليها أولا عقدا شرعيا تام الأركان و الشروط و يبقى الامر كذلك بضعة أشهر أو حتى سنة ثم يتم العقد المدني و يوثق النكاح في البلدية أو المحكمة. في الفترة التي تكون بين العقد الشرعي و المدني,لا يدخل الشاب بالفتاة إلا أنه يصيب منها ما يصيب الزوج من زوجته باستثناء الجماع,فهو يقبلها و يداعبهاووو.....ثم إثر العقد المدني يدخل بالفتاة. المشكل في الأمر هو التالي,العرف السائد هو ان الزوجة لا تكون زوجتك إلا بالعقد المدني و العقد الشرعي الغير موثق لا يعتبرونه زواج,هذا الرجل الذي داعب زوجته و اصاب منها كل شيء إلا الجماع قد ينفر منها و يطلقها قبل إتمام العقد المدني,فالمرأة شرعا مطلقة,و لكن عرفا لا يعتبرونه طلاقا لأنهم لم يعتبروا الزواج أصلا, ثم المرأة لما تريد أن تتزوج بعد ذلك برجل آخر ماذا عساها أن تقول له؟ستقول له أني تزوجت شرعيا برجل قبلك و اصاب مني كل شيء إلا الجماع ؟فهل سيقبل الرجل بذلك؟ألا تصبح المرأة في هذه الحالة معرضة إلى الكلام و القيل و القال؟ستقول له كنت متزوجة,فيجيبها اثبت لي ذلك.فلا تستطيع الإثبات إلا قولا أو عن طريق الشهود و لا تستطيع أن تثبت ذلك بما يثبته العرف,فماذا سيقول عنها الرجل إذا كان من عامة الناس الذين قدموا العرف عن شرع الله عز وجل. نرجو من فضيلتكم بيان المسألة بيانا شافيا كافيا وهو عن الإستمتاع بالزوجة في فترة العقد الشرعي هل هو جائز حسب الواقع الذي نعيش فيه؟(أعلم أن شرعا جائز و لكن بعد معرفتنا للعرف كيف يكون الأمر؟) ماذا تنصحون الشباب الذين يفعلون مثل هذا الأمر؟ بارك الله فيكم إخوانكم في تونس.
اسم المفتي:
جواب الفتوى للشيخ محمد الخياط
أقول جوابا للإخوة: إن الإسلام رغب في الزواج وحث عليه وخاصة الشباب فقال عليه الصلاة والسلام: <<يا معشر الشباب من اسْتطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج...الحديث>>. والباءة هي القدرة علي النكاح نفقة وجماعا.
والنكاح الشرعي لا بد أن يتم بعقد يستجمع الأركان الآتية: الولىّ-الشاهدان- العدلان- المهر- الصيغة: وهي الإجاب والقبول بين الزوج من جهة وولي البنت من جهة أخرى. ولم تكن كتابة العقد في العصور الماضيَة شرطا لكن لما ضعف الوازع الدينى في نفوس الناس جرى عرفهم بضرورة كتابة العقد وتوثيقه لدى السلطات الرسمية وهو ما يطلق عليه الناس (العقد المدني) وهوقد يكون عقدا شرعيا ومد نيا في آنٍ واحد إذا توفرت فيه الأركان السابقة وخاصة في الأقطار الإسلامية حيث يكون الكاتب مسلما والشاهدان عدلان...الخ. نعم في البلدان الغير الإسلامية ننصح المسلمين بأن يقوموا بإبرام عقد شرعي بعد العقد المدني.
والخلاصة أن العقد الشرعى يبيح الاستمتاع والعقد المدنى يحمي الحقوق المدنية. وبالنسبة لسؤالكم ننصح الشباب بأن يجمعوا بين العقد الشرعي والعقد المدني في وقت واحد-إن كان العقد المدني غير كاف-وأن يجعلوا ما سميتموه عقدا شرعيا خطبة يتنزه الشاب أثناءها عن الاختلاء بالبنت صيانة لها... فإذا ما حصل الفراق قبل الدخول فلن تكون هناك مشاكل تذكر أما أن نقوم بعقد شرعى غير مكتوب ثم يختلى الشاب بالبنت ويفعل بها ما يفعل الرجل بزوجته غير أنه لا يجامعها. - كما ذكرتم-(وأنا أقول: ومن يمنع من الجماع) ثم يفارقها قبل العقد الرسمي والدخول المعلن فإن المرأة هنا هي المتضررة.
فهناك فرق بين المطلقة قبل الدخول والمطلقة بعده فالمطلقة قبل الدخول ليس لها عدة قال تعالى:<< يأيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمَّ طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها>> ولها نصف المهر: قال تعالى:<< وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم... الآية. بخلاف المطلقة بعد الدخول فلها الصداق كامل وعليها العدة والذي يفرق بين هذا وذاك هو العقد الرسمي المصادق عليه من قبل السلطات الرسمية, والدخول الذي يسميه الناس بالعرس أو الزفاف وهي الشهرة التي أشار إليها صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:<< أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدُّف>> وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه:<< أوْلم ولو بشاة >> والله أعلم.
وفق الله شباب الأمة الإسلامية لما فيه الخير والصلاح ورزقهم الإحصان والعفاف.