الصحابية الجليلة أسماء بنت عميس ( رضي الله عنها )
إنها السيدة الفاضلة والصحابية الجليلة أسماء بنت عميس فقد جمعت من الفضائل العظام والمناقب الجسام الشيء الكثير قلما اجتمع ذلك في صحابية مثلها.
فهي صاحبة الهجرتين, ومصلية القبلتين, وزوجة الخليفتين وزوجة الشهيدين وزوجة الأخوين إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة والعبر الجليلة التي يجدها القارئ عندما يطالع تلك السيرة العطرة الزكية, وفي الأسطر القليلة القادمة نتناول شيئاً يسيراً مما سبق الإشارة إليه فمستعيناً بالله أقول:
1. كونها صاحبة الهجرتين لأنها هاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الحبشة، وهذه هي الهجرة الأولى, ثم هاجرت معه إلى المدينة النبوية من الحبشة إلى المدينة في سفينة، ولذلك يسمون بأصحاب السفينة، وهذه هي الهجرة الثانية، فتكون بذلك صاحبة الهجرتين.
2. كونها مصلية القبلتين, لأنها صلت إلى بيت المقدس في بداية الإسلام، لأن القبلة في بداية الإسلام كانت إلى بيت المقدس, وهذه هي القبلة الأولى ثم تحولت القبلة بعد ذلك إلى البيت الحرام تلبية لرغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في السنة الثانية للهجرة المباركة وبالتحديد منتصفها بعد مضي 16 شهراً أو 17 شهراً، وهذه هي القبلة الثانية, فتكون بذلك مصلية القبلتين.
3. كونها زوج الشهيدين لأنها تزوجت أول ما تزوجت بالصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن هاجر جعفر رضي الله عنه وزوجته أسماء بنت عميس رضي الله عنها من الحبشة إلى المدينة, وقد سعد به النبي صلى الله عليه وسلم وفرح بقدومه جداً, وكان ذلك في السنة السابعة للهجرة وبالتحديد يوم فتح خيبر من أعظم حصون اليهود حينذاك، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم معبراً عن فرحه وسروره بقدوم جعفر وباقي الصحابة الذين كانوا في الحبشة: "ما أدري بأيهما أفرح بقدوم جعفر أو بفتح خيبر, ثم تلقاه والتزمه وقبل ما بين عينيه"([2]).
4. بعد ذلك أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن القواد الثلاثة في غزوة مؤتة وقتل هناك شهيداً مدرجاً بدمائه الطاهرة بعد أن قطعت يداه فأبدله الله بهما جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، ولقب بعد ذلك بجعفر الطيار, وهذا هو الشهيد الأول.
5. أما الشهيد الثاني فهو الإمام والصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه, فقد تزوجته أسماء بنت عميس آخر من تزوجت، وقد قتل شهيداً رضي الله عنه, فبذلك تكون زوج الشهيدين.
6. كونها زوج الخليفتين بعدما قلت جعفر رضي الله عنه في مؤتة كما سبق بيانه تزوجت أسماء بنت عميس بالصديق الأكبر وشيخ الصحابة أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد انتهاء العدة، وولدت له ابنه محمداً بذي الحليفة في السنة العاشرة للهجرة عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ للمسير إلى الحج، فأبو بكر رضي الله عنه هو الخليفة الأول.
7. وبعد موت أبو بكر رضي الله عنه تزوجت أسماء بنت عميس بالخليفة الرابع علي رضي الله عن الجميع, وتكون بذلك زوج الخليفتين.
8. كونها زوج الأخوين, فكما أسلفنا أنها تزوجت أول ما تزوجت بالصحابي الجليل والبطل النحرير جعفر الطيار رضي الله عنه, وآخر ما تزوجت تزوجت بالفارس المقدام والأسد الضرغام علي رضي الله عنه، ومعلوم أن كل من جعفر وعلي رضي الله عنهما أخوان فتكون بذلك زوج الأخوين. هذا والله أعلم بالصواب، وانظر في ذلك كتب السير والتراجم وهي كثيرة كالطبقات لابن سعد, والسيرة لابن هشام, والاستيعاب لابن عبد البر, وأُسْد الغابة لابن الأثير والإصابة لا بن حجر العسقلاني وغيرها كثير جداً.
خالد بن حسين بن عبد الرحمن