سلسلة مقالات " مسك الختام في الصلاة والسلام على خير الأنام " مكونة من ثلاث مقالات ،
وهي على النحو التالي:
"معنى الصلاة والسلام على خير الأنام" ، و" مسك الختام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام "(1،2)
المقالة الأولى "معنى الصلاة والسلام على خير الأنام "
الحمد لله ،وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
من عظيم قدره ومكانته صلى الله عليه وسلم صلاة الله عليه والملائكة
وأمر سبحانه وتعالي المؤمنين بالصلاة والسلام عليه
قال الله تعالى :"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"{الأحزاب :56}
أولاً : معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :
عن الإمام أبي العالية –رحمه الله - قال : " صلاة الله على رسوله ثناؤه عليه عند الملائكة ".(1)
وعنه –رحمه الله –في قوله تعالى :" إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ".
قال: صلاة الله –عز وجل – ثناؤه عليه ،وصلاة الملائكة عليه الدعاء. (2)
وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- : وإنما هي ثناؤه سبحانه، وثناء ملائكته عليه. (3)
وقال أيضًا: معنى الصلاة هي الثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم، والعناية به ،وإظهار شرفه وفضله وحرمته .
وقال : أن الله سبحانه أمرنا بالصلاة عليه عقيب إخباره بأنه وملائكته يصلون عليه ،والمعنى: أنه إذا كان الله وملائكته يصلون على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فصلوا أنتم أيضا عليه ، فأنتم أحق بأن تصلوا عليه وتسلموا تسليمًا، لما نالكم ببركة رسالته ،ويمن سفارته من خير شرف الدنيا والآخرة .(4)
وقال الإمام بن كثير -رحمه الله -: المقصود من هذه الآية : " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"{الأحزاب:56}:أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه في الملأ الأعلى ،بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين ،وأن الملائكة تصلى عليه ، ثم أمر الله تعالى أهل العالم السفلى بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلى. (5)
ويقول الشيخ الألباني : أولى ما قيل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قول أبى العالية :صلاة الله على نبيه : ثناؤه عليه وتعظيمه ، وصلاة الملائكة وغيرهم عليه : طلب ذلك من الله تعالى ، والمراد طلب الزيادة ، لا طلب أصل الصلاة. ذكره الحافظ في الفتح.(6)
وقال الغماري : يفيد تشريف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جهتين :
الأولى : قال الإمام سهل بن محمد بن سليمان : هذا التشريف الذي شرف به محمدًا صلى الله عليه وسلم بهذه الآية أجمع وأتم من تشريف آدم عليه السلام بسجود الملائكة له ، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف،وقد أخبر الله تعالى عن نفسه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ثم الملائكة بالصلاة عليه ، فتشريف يصدر عنه أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالى معها.
والثانية: أن الله تعالى أمر عباده بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم ، وجعلها قربة يُتقرب بها إليه سبحانه ، وهذا تشريف لم ينله رسول ولا ملك .
ثم نقل عن الحافظ السخاوي ما يشير إلى أن الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله، وذكر أنواعهم ، ثم قال : ومعلوم أن الجميع يصلون على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنص القرآن حيث كانوا وأين كانوا، وهذا مما خصه الله به دون سائر الأنبياء والمرسلين .(7)
وقال الإمام العز بن عبد السلام - رحمه الله - : ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله ، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه، لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا ، وأفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه صلى الله عليه وسلم.(8)
ثانياً : معنى السلام على النبي صلى الله عليه وسلم :
يقول القاضي عياض – رحمه الله - :وأما التسليم الذي أمر الله تعالى به عباده فقال القاضي أبو بكر بن بكير: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر الله أصحابه أن يسلموا عليه ،وكذلك من بعدهم أمروا أن يسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم عند حضورهم قبره وعند ذكره، وفى معنى السلام عليه ثلاثة وجوه: أحدهما السلامة لك ومعك، ويكون السلام مصدرًا كاللذاذ واللذاذة.
الثاني : أي السلام على حفظك ورعايتك متول له وكفيل به ،ويكون هنا السلام اسم الله.
الثالث: أن السلام بمعنى المسالمة له والانقياد كما قال " فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)"{النساء:65} )(9)
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق على الله تعالى ، وأعظم رسول إلى بني آدم ، فهو سيد المرسلين وخاتم النبيين كما صح عنه بأبي هو وأمي : " « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ».(10)
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ أكرم عليه من النبي صلى الله عليه وسلم ،وما أقسم بحياة أحد قط إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم ،
وما ناداه ربه إلا بلقبه تعظيمًا لمكانته ،وإظهاراً لشرفه وعلو قدره .
لذا فحق النبي صلى الله عليه وسلم على هذه البشرية عظيم وعلى هذه الأمة – أمة الإجابة خاصة- أعظم .
فمن حقوقه الاعتقاد الجازم والإيمان الراسخ بأنه مُرسل من ربه جل وعلا ، والتصديق بعموم رسالته إلى الجن والإنس كما في "صحيح مسلم" عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ :« وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ،لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».(11)
ومن حقه على هذه الأمة اتباعه في كل قول وفعل " ماعدا ما اختص به " وإظهار سنته في كل المحافل ،ونصرتها ، والعمل على نشرها بين الناس ،ومنها كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم .(12)
ويقول علامة محدثي عصرنا الإمام الألباني رحمه الله :ولذا كل مسلم صادق في إيمانه لابد أن يتعرف على جملة طيبة من المكارم التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ، والفضائل التي فضله بها على العالمين من الإنس والجن أجمعين، بل والملائكة المقربين ، بأدلة ثابتة من الكتاب والسنة والنظر السليم فيها والاستنباط منهما ،فان ذلك مما يزيده- بلا شك - إيمانًا وحبًا مخلصًا للنبي صلى الله عليه وسلم ، هذا الحب الذي هو شرط أساسي أن يستقيم في قلب المؤمن بحب الله تعالى الذي تفضل بإرساله إلينا وأمتن –وله المنة – بذلك علينا، فقال تبارك وتعالى:":هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ "{الجمعة:2}
إلى أن قال :وإن مما لاشك فيه أن المسلم كلما كان بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم ،وبمحاسنه وفضائله أعرف، كان حبه إياه أكثر ،واتباعه أوسع وأشمل .(13)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ذكره البخاري في كتاب التفسير تعليقًا بصيغة الجزم (4/1802)عن أبى العالية
(2) حسن :رواه إسماعيل بن إسحاق في " فضل الصلاة " (95) وحسن إسناده الألباني.
(3)"جلاء الأفهام" لابن القيم ط دار الحديث (ص:89).
(4)"جلاء الأفهام" لابن القيم ط دار الحديث (ص:90).
(5)تفسير القرآن العظيم" للإمام بن كثير (3/508).
(6)"صفة صلاة النبي "للألباني ص165 ط. المعارف.
(7)"دلائل القرآن المبين" للغماري ص 84-85؛ و"تقريب الوصول إلى معرفة الرسول " د /أحمد فريد
(8)"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد"للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي (12/411).
(9)" الشفا " للقاضي عياض –رحمه الله – (2/44) ط. مكتبة الصفا- مصر-.
(10)صحيح: رواه أبو داود (4675)وصححه الألباني ، وهو عند مسلم بلفظ :" أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ..."الحديث
(11)صحيح مسلم (403).
(12)مقدمة فضيلة الشيخ/ محمد حسن عبد الغفار"لكتاب " مسك الختام" إعداد وترتيب كاتب المقال صلاح عامر.
(13)"مقدمة بداية السول في تفضيل الرسول "للإمام بن عبد البر رحمه الله .تحقيق الألباني ص 1-6 ، "تقريب الوصول إلى معرفة الرسول" /فضيلة الشيخ د/ أحمد فريد.
ــــــــــــــــــــــ
المقالة الثانية " مسك الختام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام "(1)
من فضل الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم:
(1)الامتثال لأمر الله تعالى:
لقوله تعالى": إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"{الأحزاب :56 }
وفى صحيح مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، أنه قَالَ : أَتَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، فَقَالَ لَهُ : بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ : أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّا لَمْ نَسْأَلْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ،قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".(1)
الشاهد من الحديث :قول بشير بن سعد رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نُصَلِّىَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَكَيْفَ نُصَلِّى عَلَيْكَ؟ .وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له على ذلك.
(2)موافقة الله سبحانه وتعالى وملائكته في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
وإن اختلفت الصلاتان؛ فصلاتنا والملائكة عليه دعاء وسؤال، وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف ، وقد قال الله تعالى": إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"{الأحزاب :56 }" الآية(2)
(3) صلى الله عليه بها عشرًا :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا".(3)
(4)أن يسلم الله عليه عشرًا:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ،عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالْبِشْرُ يُرَى فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ:" إِنَّهُ جَاءَنِي جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم ،فَقَالَ: أَمَا يُرْضِيكَ يَا مُحَمَّدُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمَ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْرًا ".(4)
فيه دليل على أن السلام عليه صلى الله عليه وسلم كالصلاة ، وأن الله سبحانه يسلم على من سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كما يصلي على من صلى على رسوله عشرًا.
(5)عشر صلوات من الله تعالى لعبده ويحط عنه عشر سيئات ويرفعه بها عشر درجات :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ،وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ ،وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ ".(5)
(6) أن يرد الله عليه مثلها :
عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ، قَالُوا :يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ .قَالَ: أَجَلْ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً ،كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ،وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ ،وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا".(6)
(7)صلاة المخلصين وثواب المحسنين :
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وَكَانَ بَدْرِيًّا ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: صلى الله عليه وسلم "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي صَلاَةً مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَرَفَعَهُ بِهَا عَشْرَ دَرَجَاتٍ ، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ".(7)
(8)صلاة الملائكة- عليهم السلام- على من صلى على خير الأنام صلى الله عليه وسلم:
عَنْ عَبْدِ اللهِِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ،عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ،عَنِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّى عَلَىَّ ،إِلاَّ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ مَا صَلَّى عَلَىَّ، فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لِيُكْثِرْ".(8)
(9)من أسباب إخراج الله للعبد من الظلمات إلى النور:
لقوله تعالى": هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا"{الأحزاب :43}
وقد تقدم أن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عز وجل عليه .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :إن الذكر يوجب صلاة الله عز وجل على الذاكر، ومن صلى الله عليه وملائكته فقد أفلح كل الفلاح ، وفاز كل الفوز، قال سبحانه وتعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43){الأحزاب :41-43}،فهذه الصلاة منه تبارك وتعالى ومن ملائكته إنما هي سبب الإخراج لهم من الظلمات إلى النور .وإذا حصلت لهم الصلاة من الله تبارك وتعالى وملائكته، وأخرجوهم من الظلمات إلى النور ، فأي خير لم يحصل لهم، وأي شر لم يندفع عنهم؟ فيا حسرة الغافلين عن ربهم ،ماذا حُرموا من خيره وفضله ، وبالله التوفيق . (9)
وعن بكر القشيري : قال : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الله تشريف وزيادة تكرمة وعلى من دون النبي رحمة ، وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين حيث قال الله تعالى " إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ " وقال قبل ذلك في السورة المذكورة :"هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ "
ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره ، والإجماع منعقد على أن في هذه الآية من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها . (10)
(10)من أسباب دخول الجنة :
عَنِ الْحُسَينِ بْنِ عَلَي رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَخَطِىءَ الصَّلاَةَ عَلَىَّ خَطِئ طَرِيْقَ الْجَنَّةِ».(11)
وذكر ابن القيم رحمه الله : أنها ترمى صاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها .(12)
وقال محمد فؤاد عبد الباقي : قوله : "خَطِئ" أي الأعمال الصالحة طرق إلى الجنة ، والصلاة من جملتها ، وتركها كلية ترك لطريق الجنة ، أي لطريقها .(13)
وأقول :بمفهوم المخالفة عند العلماء يتبين لنا كما في قوله صلى الله عليه وسلم :" خَطِئ طَرِيْقَ الْجَنَّةِ " لمن نسي الصلاة عليه ،فدل ذلك على أن لزوم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من الأعمال الصالحة التي ثوابها دخول الجنة .
وهذا مما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لأُبَيِّ بن كعب " إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ "ولاشك أن من أعظم
ما يهم المؤمن أن يدخله الله الجنة ،وأن ينجيه من النار ، وذلك لقوله تعالى ": كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185){آل عمران :185}ولقوله تعالى عن المؤمنين :"وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ "{المعارج :27-28}، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم آسوة حسنة في قوله، وفعله ،وإقراره ، فَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ:" مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ ؟ قَالَ: أَتَشَهَّدُ ،ثُمَّ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ ،وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ ،أَمَا وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ .فَقَالَ:" حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ ".(14)
وأيضاً دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله" وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ،..."الحديث(15)
(11)يُدرك شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة :
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ صَلَّى عَلَيَّ حِيْنَ يُصْبِحُ عَشْراً ، وَحِيْنَ يُمْسِي عَشْراً ، أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (16)
وعن عبد الله بن عمرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من صلى علىّ ، أو سأل ليَّ الوسيلة ، حقت عليه شفاعتي يوم القيامة " .(17)
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«سَلُوا اللهَ لِي الْوَسِيلَةَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسأَلهَا لِي عَبدٌ فِي الدُّنْيَا ، إِلاَّ كُنتُ لَهُ شَهِيداً ، أَوْ شَفِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (18)
(12)تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك:
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ ، اذْكُرُوا اللَّهَ ، جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ "قَالَ أُبَيٌّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ ،فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟فَقَالَ:" مَا شِئْتَ "قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ ؟ قَالَ:" مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "قُلْتُ: النِّصْفَ ؟ قَالَ:" مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "قَالَ قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ:" مَا شِئْتَ ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟قَالَ:" إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ ".(19)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :وسُئل شيخنا أبو العباس بن تيمية- رضي الله عنه – تفسير هذا الحديث ، فقال :كان لأُبَيِّ بن كعب دعاء يدعو به لنفسه ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم :هل يجعل منه ربعه صلاة عليه صلى الله عليه وسلم ؟ . فقال صلى الله عليه وسلم:" إن زدت فهو خير لك ، فقال له النصف.فقال صلى الله عليه وسلم: فإن زدت فهو خير لك ، إلى أن قال :أجعل لك صلاتي كلها؟ . أي أجعل دعائي كله صلاة عليك . قال صلى الله عليه وسلم:" إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ "لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ،صلى الله عليه بها عشرًا ،ومن صلى الله عليه كفاه همه ،وغفر له ذنبه ،هذا معنى كلامه .(20)
(13) إجابة الدعاء :
أن يدعو الله بعد إجابة المؤذن وصلاته على النبي صلى الله عليه وسلم وسؤاله له الوسيلة :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« قُلْ كَمَا يَقُولُونَ ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ ».(21)
وعَنْ فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ ، فَاحْمَدِ اللهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، وَصَلِّ عَلَيَّ ، ثمَّ ادْعُهُ ، قَالَ : ثُمً صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَحَمِدَ اللهَ ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، ادْعُ تُجَبْ. (22)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ ،فَلَمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ ،ثُمَّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ دَعَوْتُ لِنَفْسِي. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ ".(23)
(14)محبة الله للعبد المصلى على النبي صلى الله عليه وسلم لإيثاره محاب الله على طلب حوائجه :
يقول ابن القيم في الفائدة الأربعون للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من العبد هي دعاء ، ودعاء العبد وسؤاله من ربه نوعان :
أحدهما: سؤاله حوائجه ومهماته ، وما ينوبه في الليل والنهار ، فهذا دعاء وسؤال ؛وإيثار لمحبوب العبد ومطلوبه.
والثاني: سؤاله أن يثنى على خليله وحبيبه ،ويزيد في تشريفه وتكريمه وإيثاره ذكره ورفعه، ولا ريب أن الله يحب ذلك ورسوله يحبه ، فالمصلى عليه صلى الله عليه وسلم قد صرف سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله تعالى ورسوله ، وآثر ذلك على طلبه وحوائجه ومحابه هو، بل كان هذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده ، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على ما يحبه هو ، وقد آثر الله ومحابه على ما سواه ، والجزاء من جنس العمل ، فمن آثر الله على غيره ، آثره الله على غيره، واعتبر هذا بما تجد الناس يعتمدونه عند ملوكهم ورؤسائهم إذا أرادوا التقرب والمنزلة عندهم ، فإنهم يسألون المطاع أن ينعم على من يعلمونه أحب رعيته إليه ، وكلما سألوه أن يزيد في حبائه وإكرامه وتشريفه، علت منزلتهم عنده ، وازداد قربهم منه ،وحظوا بهم لديه، لأنهم يعلمون منه إرادة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه، فأحبهم إليه أشدهم له سؤالًا ورغبة أن يتم عليه إنعامه وإحسانه ،هذا أمر مشاهد بالحس ، ولا تكون منزلة هؤلاء ومنزلة من سأل المطاع حوائجه هو ، وهو فارغ من سؤاله تشريف محبوبه والإنعام عليه واحدة ، فكيف بأعظم محب وأجله لأكرم محبوب وأحقه بمحبة ربه له؟ ، ولو لم يكن من فؤائد الصلاة عليه إلا هذا المطلوب وحده ، لكفى المؤمن به شرفًا.(24)
ــــــــــــــــــــــــ
(1) مسلم (405) ،والترمذي (3220)،والنسائي في "سننه" (1285).
(2)"جلاء الأفهام"للإمام ابن القيم-الفائدة الأولى والثانية- ص 244 ط. دار الحديث-مصر.
(3)رواه مسلم (408) ، وأبو داود (1530) ، والترمذي (485).
(4) أحمد في " مسنده"(16408،16410) تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف ،والنسائي (1295) ، والدارمي(2773) ، و" مشكاة المصابيح " (928) ، و"صحيح الجامع"للألباني (71).
(5)صحيح " رواه أحمد(12017) تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح , وهذا إسناد حسن ،والنسائى" (1297)
،و صححه الألباني في "صحيح الجامع" (6359) ،و" مشكاة المصابيح" (922).
(6)رواه أحمد في"مسنده" (16399) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف أبو معشر - واسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي - ضعيف ثم إنه لم يدرك إسحاق بن كعب بن عجرة ،وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (57).
(7) "السلسلة الصحيحة"للألباني(3360) ،ورواه النسائي،والطبراني ،والبزار،عن أبي بردة بن نيار،وانظر"صحيح الترغيب والترهيب"(1659).
(8)حسن:رواه أحمد(15727) تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث حسن ، وابن ماجة (907) ، والضياء، وقال الهيثمي في"مجمع الزوائد " إسناده ضعيف لأن عاصم بن عبيد الله قال فيه البخاري وغيره منكر الحديث ، وحسنه المنذري في المتابعات ،و ،انظر"صحيح الجامع "(5744)،و"فضل الصلاة على النبي(6).
(9)"الوابل الصيب "لابن القيم( ص 70- 71).
(10) "الدعوات الطيبات النافعات" د / أحمد حطيبة (ص55 ).
(11) صحيح: رواه الطبراني في" المعجم الكبير "(2887)و "فضل الصلاة "رقم (43) ، وانظر "صحيح الجامع" (6245) ، و" السلسلة الصحيحة " (2337).
(12)"جلاء الأفهام"للإمام ابن القيم -الفائدة الخامسة والعشرون- ص 245 ط. دار الحديث-مصر.
(13) "سنن بن ماجة" هامش(1/357) ط. دار الحديث.
(14)صحيح : رواه ابن ماجة(910،3847) ،وابن حبان(868) ، ورواه أحمد (15939) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين ،وأبو داود(792) عن بعض أصحاب النبي ،وانظر " صحيح الجامع " (3163)،و"السلسلة الصحيحة" (1542) .
(15)صحيح:رواه البخاري في"الأدب المفرد"(639)،وأحمد(25063،25081) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح،وابن ماجة(3846)عن عائشة رضي الله عنها،وصححه الألباني.
(16)حسن: رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد، ورجاله وثقوا، و"مجمع الزوائد"(17022)،وانظر"صحيح الجامع"للألباني
(6357)
(17)صحيح "فضل الصلاة على النبي "رقم (50).
(18)حسن: رواه ابن أبي شيبة ، والطبراني في" المعجم الأوسط "( 633)، وحسنه الألباني في " صحيح الجامع (3637)،و"صحيح الترغيب ( 257).
(19) حسن صحيح: أخرجه الترمذي( 2457)وقال حديث حسن صحيح ،والحاكم في "المستدرك" (3578) وصححه ووافقه الذهبي ،"مشكاة المصابيح" (929) ،و" فضل الصلاة على النبي"رقم(14).
(20) "جلاء الأفهام " ط . دار الحديث (ص 47 ).
(21) إسناده حسن:رواه أبو داود(524) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة (44)، وابن حبان في"صحيحه "(1695) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ، و"المشكاة" (673).
(22)صحيح: رواه أحمد في"المسند"(23982) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، وأبو داود (1481)، والترمذي (3476،3477)واللفظ له ،وقال: حديث حسن صحيح ، والنسائي(1284) ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، وصححه الألباني في"صحيح سنن أبي داود"( 1331)، و"صحيح الترمذي" (2765) ، و" مشكاة المصابيح" (930).
(23)حسن صحيح : رواه الترمذي (593)وقال : حديث حسن صحيح ،و"مشكاة المصابيح" (931) قال الشيخ الألباني : حسن صحيح.
(24)"جلاء الأفهام " -الفائدة الأربعون- (ص: 250)ط. دار الحديث-مصر-.
ــــــــــــــــــ
المقالة الثالثة "مسك الختام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام"(2)
(15)الثناء الحسن للمصلى عليه بين أهل السماء والأرض:
يقول ابن القيم في الفائدة الثلاثون: أنها سبب لإبقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلى عليه بين أهل السماء والأرض، لأن المصلى طالب من الله أن يثنى على رسوله ويكرمه ويشرفه ،والجزاء من جنس العمل فلابد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك وقد قال سبحانه وتعالى :" هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)
{ الرحمن:60}.(1)
(16)أنها سبب لتبليغ النبي صلى الله عليه وسلم ورده السلام على المصلى عليه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلَّوْا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ".(2)
والمعنى :لا تجعلوا بيوتكم كالقبور في خلوها عن الذكر والعبادة ، بل أشغلوها بالصلاة النافلة أو الفرض إذا توقفت جماعة من في البيت كزوجة أو أي من النساء أو المريض والصبيان
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : معنى الحديث لا تعطلوا البيوت من الصلاة فيها، والدعاء ،والقراءة فتكون بمنزلة القبور ، فأمر بتحري العبادة في البيوت ، ونهى عن تحريها عند القبور ،عكس ما يفعله المشركون من النصارى ،ومن تشبه بهم من هذه الأمة .
وقال ابن القيم : العيد ما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان مأخوذ من المعاودة والاعتياد
وقيل : العيد ما يعاد إليه : أي لا تجعلوا قبري عيدًا تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علىّ ، فظاهره نهى عن المعاودة ، والمراد المنع عما يوجبه ، وهو ظنهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه ويؤيده قوله " وَصَلَّوْا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ " : أي لا تتكلفوا المعاودة فقد استغنيتم بالصلاة علىّ.
وقال الإمام بن تيمية-رحمه الله- : الحديث يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري ،وبعدكم عنه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدًا .(3)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَىَّ ، إِلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَىَّ رُوحِي ، حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ ».(4)
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ ، يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلامَ".(5)
(17)عرض اسم المصلى عليه وذكره عنده صلى الله عليه وسلم:
عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَيَّ ، فَإِنَّ اللهَ وَكَّلَ بِي مَلَكاً عِنْدَ قَبْرِي ، فَإِذَا صَلِّى عَلَىَّ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي ، قَالَ لِي ذَلِكَ الْمَلَك : يَا مُحَمَّد! إِنَّ فُلاَنَ ابْنَ فُلاَنٍ صَلَّى عَلَيْكَ السَّاعةَ».(6)
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الفائدة السادسة والثلاثون :
وكفى بالعبد نبلًا أن يذكر أسمه بالخير بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قيل في هذا المعنى :
ومن خطرت منه ببالك خطرة حقيق أن يسمو وأن يتقدما
وقال الآخر:
أهلاً بمن لم أكن أهلاً لموقعه قول المبشر بعد اليأس بالفرج
لك البشارةُ فاخلع ما عليك فقد ذكرت ثمَّ على ما فيك من عوج.(7)
(18)أنها سبب لدوام محبته للرسول صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها :
يقول ابن القيم في الفائدة الثالثة والثلاثون: أنها سبب لدوام محبته صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها ، وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لا يتم إلا به ، لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب ، واستحضاره في قلبه،واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه ، تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه ، واستولى على جميع قلبه ، وإذا أعرض عن ذكره وإحضاره وإحضار محاسنه بقلبه،نقص حبه من قلبه، ولا شيء أقر لعين العبد المحب من رؤية محبوبه ، ولا أقر لقلبه من ذكره وذكر محاسنه ، فإذا قوى هذا في قلبه جرى لسانه بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه ، وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه ، والحس شاهد بذلك ،حتى قال بعض الشعراء بذلك :
عجبت لمن يقول ذكرت حبي وهل أنسى فأذكر من نسيت
فتعجب هذا المحب ممن يقول ، ذكرت محبوبي، لأن الذكر يكون بعد النسيان، ولو كمل حب هذا لما نسى محبوبه .
وقال آخر :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما مثل لي ليلى بكل سبيل
فهذا أخبر بأن محبته لها مانع من نسيانها .
وقال آخر:
يراد من القلب نسيانكم وتأبى الطباع على الناقل
فأخبر أن حبهم وذكرهم قد صار طبعًا ، فمن أراد منه خلاف ذلك أبت عليه طباعه أن تنتقل عنه ، والمثل المشهور " من أحب شيئًا أكثر من ذكره، وفي هذا الجناب الأشرف أحق ما أُنشد :
لو شق عن قلبي ففي وسطه ذكرك والتوحيد في شطره .
فهذا قلب المؤمن : توحيد الله وذكر رسوله مكتوبان فيه لا يتطرق إليهما محو ولا إزالة ، ولما كانت كثرة ذكر الشيء موجبة لدوام محبته، ونسيانه سببًا لزوال محبته أو ضعفها ، وكان سبحانه هو المستحق من عباده نهاية الحب مع نهاية التعظيم، بل الشرك الذي لا يغفره هو أن يشرك به في الحب والتعظيم فيحب غيره ويعظم من المخلوقات غيره كما يحب الله تعالى ويعظمه قال تعالى:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ "{البقرة:165}، فأخبر سبحانه أن المشرك يحب الند كما يحب الله تعالى،وأن المؤمن أشد حبًا لله من كل شيء ،وقال أهل النار في النار:" تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98)" {الشعراء : 97-98} ومن المعلوم أنهم إنما سووهم به سبحانه في الحب والتأله والعبادة ، وإلا فلم يقل أحد قط إن الصنم أو غيره من الأنداد مساو لرب العالمين في صفاته ، وفى أفعاله ، وفى خلق السماوات والأرض ،وفي خلق عباده أيضًا، وإنما كانت التسوية في المحبة والعبادة.
وأضل من هؤلاء وأسوأ حالًا من سوى كل شيء بالله سبحانه في الوجود،وجعله وجود كل موجود كامل أو ناقص ، فإذا كان الله قد حكم بالضلال والشقاء لمن سوى بينه وبين الأصنام في الحب، مع اعتقاد تفاوت مابين الله وبين خلقه في الذات والصفات والأفعال ، فكيف بمن سوى الله بالموجودات في جميع ذلك ، وزعم أنه ما عُبد غير الله في كل معبود. (8)
(19)أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لمحبته للعبد :
يقول ابن القيم في الفائدة الرابعة والثلاثون: أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم سبب لمحبته للعبد ، فإنها إذا كانت سببًا لزيادة محبة المصلى عليه له ، فكذلك هي سبب لمحبته هو للمصلى عليه صلى الله عليه وسلم.(9)
(20)أنها هي سبب لهداية العبد وحياة قلبه :
يقول ابن القيم في الفائدة الخامسة والثلاثون :أنها سبب لهداية العبد وهداية قلبه ، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره ، استولت محبته على قلبه ، حتى ما يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره ، ولا شك في شيء مما جاء به ، بل يصير ما جاء به مكتوبًا مسطورًا في قلبه ، لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله، ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه ،وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة ومعرفة ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وسلم.
ولهذا كانت صلاة أهل العلم العارفين بسنته وهديه المتبعين له عليه، خلاف صلاة العوام عليه ، الذين حظهم منها إزعاج أعضائهم بها ورفع أصواتهم ، وأما أتباعه العارفون بسنته العالمون بما جاء به ،فصلاتهم عليه نوع آخر، فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة، ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله .
وهكذا ذكر الله سبحانه ، كلما كان العبد به أعرف وله أطوع وإليه أحب، كان ذكره غير ذكر الغافلين و اللاهين ، وهذا أمر إنما يُعلم بالحس لا بالخبر ، وفرق بين من يذكر صفات محبوبه الذي قد ملك حبه جميع قلبه ويثنى عليه بها ويمجده بها ، وبين من يذكرها إما إثارة وإما لفظًا ، لا يدري ما معناه ، لا يطابق فيه قلبه لسانه ، كما أنه فرق بين بكاء النائحة وبكاء الثكلى ، فذكره صلى الله عليه وسلم وذكر ما جاء به ، وحمد الله تعالى على إنعامه علينا ومنته بإرساله هو حياة الوجود وروحه، كما قيل :
روح المجالس ذكره وحديثه وهدى لكل ملدد حيران
وإذا أُخل بذكره في مجلس فاولئك الأموات في الحيان .(10)
(21)الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفارة للذنوب:
لقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : " إِذاً يُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُكَفِّرُ لَكَ ذَنْبُكَ".(11)
(22)الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم زكاة للعبد:
عن أبى هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ عَلَيَّ زَكَاةٌ لَكُمْ ".(12)
يقول ابن القيم رحمه الله : فهذا فيه إخبار بأن الصلاة زكاة للمصلى على النبي ،والزكاة تتضمن النماء والبركة والطهارة ،والذي قبله أنه فيه كفارة، وهي تتضمن محو الذنب ،فتضمن الحديثان أن بالصلاة عليه تحصل طهارة النفس من رذائلها ويثبت لها النماء والزيادة في كمالاتها وفضائلها ، وإلى هذين الأمرين يرجع كمال النفس ، فعُلم أنه لا كمال للنفس إلا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ،التي هي من لوازم محبته ،ومتابعته ، وتقديمه على كل من سواه من المخلوقين صلى الله عليه وسلم.(13)
(23)أن ينال العبد رحمة الله :
يقول ابن القيم في الفائدة الثانية والثلاثون في سياق هذا الفضل : أنها سبب لنيل رحمة الله له ، لأن الرحمة إما بمعنى الصلاة كما قاله طائفة ، وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح ، فلابد للمصلى عليه من رحمة تناله .(14)
(24)أنها سبب للبركة في ذات المصلى وعمله وعمره :
يقول ابن القيم رحمه الله في الفائدة الحادية والثلاثون : أنها سبب للبركة في ذات المصلى وعمله وعمره ، وأسباب مصالحه ، لأن المصلى داع ربه أن يبارك عليه وعلى آله ، وهذا الدعاء مستجاب ، والجزاء من جنسه .(15)
(25)الإجابة بإصابة السلام لكل عبد صالح في السماء والأرض للسلام عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ ،فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ ،وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ ،أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو".(16)
(26) من كرامات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
فإنه كما قال الإمام ابن الجوزي : وأعلموا رحمكم الله أن في الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عشر كرامات، إحداهن: صلاة الملك الجبار ، والثانية : شفاعة النبي المختار ، والثالثة: الاقتداء بالملائكة الأبرار،والرابعة: مخالفة المنافقين والكفار، والخامسة: محو الخطايا والأوزار ، والسادسة: قضاء الحوائج والأوطار ، والسابعة: تنوير الظواهر والأسرار ، والثامنة: النجاة من عذاب دار البوار والنيران ، والتاسعة: دخول دار الراحة والقرار ،والعاشرة: سلام الملك الغفار .(17)
صلاة الطيبون الأخيار على إمام الأبرار صلى الله عليه وسلم:
عن زيد بن أسلم : خرج عمر –رضي الله عنه- ليلة يحرس الناس ، فرأى مصباحًا في بيت ،
وإذا عجوز تنفش صوفًا ، وتقول :
على محمد صلاة الأبرار صلى عليه الطيبون الأخيار
قد كنت قوامًا بُكًا بالأسحار يا ليت شعري والمنايا أطوار
هل تجمعني وحبيبي الدار
تعني النبي صلى الله عليه وسلم ، فجلس عمر –رضي الله عنه – يبكى . (18)
شكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه لفضله عليه وعلى أمته :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ :« إِنِّي لَقِيتُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَبَشَّرَنِي وَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ لَكَ : مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا ».) 19)
يؤخذ من الحديث: أن من فعل فعلاً يُظَنُّ بأنه عبادة ،أن يبين السبب ، لئلا يظن بعض الحاضرين أن هناك عبادة وسجود مستقل ، لا لشكر ،ولا لتلاوة ،ولا لصلاة، لأن السجود له سبب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "جلاء الأفهام " ص245 " دون ذكر الآية "
(2)حسن: رواه أبو داود ( 2042) ،و"مشكاة المصابيح" (926)وحسن إسناده الألباني.
(3) "الدعوات الطيبات النافعات "للدكتور أحمد حطيبة(ص:54 ).
(4)حسن: رواه أبو داود (2041) ،والبيهقي في" الدعوات الكبير"،و"مشكاة المصابيح" (925) وقال الألباني: إسناده حسن. (5) صحيح :رواه أحمد(3666،4320) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن السائب وغير زادان فهما من رجال مسلم ،والدارمي (2774)، والنسائي (1282)،وصححه الألباني في"صحيح الجامع"(2174) ، و"فضل الصلاة على النبي" رقم (21).
(6)حسن:رواه الديلمي في" مسند الفردوس"( 1 / 31 )، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (1207)، و"السلسلة الصحيحة" (1530).
(7)"جلاء الأفهام "(ص :249 )
(8)"جلاء الأفهام" (ص: 246 – 247).
(9) "جلاء الأفهام " (ص 248 ).
(10) "جلاء الأفهام "( ص 248 – 249 ).
(11) حسن صحيح: أخرجه الترمذي ( 2457)وقال: حديث حسن صحيح ،والحاكم في المستدرك (3578)ووافقه الذهبي ، و"مشكاة المصابيح"(929)وقال الألباني: إسناده حسن، و" فضل الصلاة على النبي"رقم(14).
(12) رواه أحمد فى مسنده (8755) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف ، وابن أبي شيبة (2/517)، وانظر"السلسلة الصحيحة" للألباني(3268) .
(13) "جلاء الأفهام –الموطن الرابع والعشرون—(ص: 234 )ط.دار الحديث –مصر.
(14) "جلاء الأفهام" –الفائدة الثانية والثلاثون-( ص: 246).
(15) "جلاء الأفهام " الفائدة- الحادية والثلاثون- (ص: 245).
(16) البخاري (835) ،ومسلم (402).
(17)"بستان الواعظين ورياض السامعين" لابن الجوزي مكتبة الإيمان 319
(18)"الشفا لحقوق المصطفى" ط .مكتبة الصفا الجزء الثاني ص18 الدار : أي الجنة .
(19)صحيح لغيره: رواه الحاكم في "المستدرك" (2019) ، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه،والبيهقي في "السنن الكبرى"(3753)،و"صحيح الترغيب والترهيب"(1658)،و"فضل الصلاة على النبي"رقم (7).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم بحمد الله وتوفيقه
وسيعقب ذلك بإذن الله تعالى المقالة الرابعة والخامسة بعنوان" مواطن الصلاة والسلام على خير الأنام" ،و" التحذير من التفصير في الصلاة والسلام على البشير النذير"
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخيكم في الله/ صلاح عامر /-مصر.