أخطاء شائعة - الصمت بين الأزواج

أخطاء شائعة - الصمت بين الأزواج
توضِّح الإحصاءات أنَّ تسعةً من بين كلِّ عشر سيِّدات يعانين من صمت الأزواج، وتشير الأرقام إلى أنَّ (79%) من حالات الانفصال تكون بسبب معاناة الزَّوجة من عدم تعبير الزَّوج عن عواطفه لها، ومن عدم وجود حوارٍ يربط بينهما.
ثمَّ إنَّ للصَّمت أثره السَّلبي على الأطفال، فقد ينشأ الطِّفل انطوائياً ويصعب عليه إقامة علاقاتٍ مع الآخرين.
وأخطر ما في الأمر لجوء كلا الزَّوجين إن دام بينهما الصَّمت إلى شخصٍ ثالثٍ خارج العلاقة الزوجيَّة لمناقشة همومه ومشكلاته.
إن تبادل الحوار بين الزَّوجين يُعدُّ من أقصر الطُّرق إلى قلبيهما، والكلمات البسيطة تُشْعِر الطَّرف الآخر بأنَّه موضع اهتمامٍ، وتمنع تسرُّب الملل إليه، ويعلِّمنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الحديث إلى الزَّوجات، فتراه -صلوات ربِّي وسلامه عليه- يسرُّ إليهنَّ حديثاً مرَّةً ويحدِّثهم بما يحدِّث به النَّاس مرَّةً أُخرى، ويخصُّهنَّ بحديثه من دون النَّاس ثالثةً، ويشكو إليهنَّ ما يجده من النَّاس رابعةً، وهكذا تقرؤون في كُتب الحديث أحاديث ترويها زوجات النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وربَّما لم يروِ بعضها عنه صلَّى الله عليه وسلَّم غيرهنَّ، وكأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم خَصَّهُنَّ بالكلام من دون النَّاس، بل إنَّ علماء الحديث يذْكُرُون أمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها في المكثرين من الصِّحابة في رواية الحديث عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وأُحِبُّ أن أُخْبِر الزَّوجات أمراً أَرْغَب أن يَتَفَهَّمْنَه حتَّى لا يُفسِرنَ كلَّ صمتٍ للزَّوج تفسيراً سلبياً، كما أنِّي أطلب إلى الرِّجال أن يتنبَّهوا له ليعطوا زوجاتِهِم حقوقَهُنَّ، فقد قرَّر علماء النَّفس والسُّلوك اختلافاتٍ فطريَّةٍ بين الرَّجل والمرأة بالنِّسبة للكلام والصَّمت، منها:
الرَّجل يُجمل في الكلام والمرأة تُفصِّل، الرَّجل يختصر في الكلام والمرأة تُسْهِب، الرَّجل راحته في عدم الكلام والمرأة راحتها في الكلام، الرَّجل يميل للحديث عن عمله والمرأة تميل للحديث عن نفسها وأسرتها، الرَّجل يُعَبِّر عن إعجابه بالنَّظر والإيحاء والمرأة تُعَبِّر عن إعجابها بالكلام، الرَّجل إجماليٌّ ينظر إلى الكلِّ وقليلاً ما يهتم بالجزء والمرأة تنظر إلى الكلِّ والجزء ولذا تسرد التَّفاصيل، الرَّجلُ الكلامُ عنده وسيلةٌ للوصول إلى هدفٍ محدَّدٍ، والمرأة كلامها بوسيلةٍ للتَّواصل وحَسْب، وغير ذلك. علماً أنَّ هذه الأحكام أغلبيةٌ، ومرادي من عرضها أن يُراعي كلُّ زوجٍ زوجته، وأن تَعْذُرَ كلُّ زوجةٍ زوجها.
أسباب صمت الأزواج، وطريقة التَّخفيف منه؟
1) رتابة الحياة الزَّوجية: وعلاجه بكسر الرُّوتين بإيجاد مفاجآتٍ جميلةٍ، أو تبديل ترتيب أثاث المنزل وتوزيع الغرف.
2) عدم احترام الزَّوجة لحديث زوجها: وعلاجه بتعلُّم أدب الاستماع واللَّباقة في الحديث، والابتعاد عن أسلوب الاستجواب.
3) اختلاف الاهتمامات بين الزَّوجين اختلافاً كبيراً: وعلاجه بحُسن اختيار الزَّوج زوجه وعكسه.
4) قد يكون الصَّمت طبعاً في الزَّوج فهو قليل الكلام منذ طفولته، فهذا يطول علاجه ويمكن تعزيز طُرُق تواصلٍ أخرى.
5) للذُّنوب شُؤْمٌ يدركه الصَّالحون، فربَّما أساءت امرأةٌ علاقتها بربِّها فلقيت عقوبتها بعلاقتها مع زوجها.
الصَّمت بين الأزواج خطأٌ وعلاجه ببذل الجهد لتعزيز الحوار، ولكي نعزِّز الحوار بين الزَّوجين علينا أمران:
أوَّلاً: على الزَّوج أن يتفهَّم حاجة الزَّوجة للكلام، ويستوعب حاجتها لأُذنٍ صاغيةٍ.
ثانياً: على الزَّوجة أن لا تضغط على زوجها ليتكلَّم حين تجده غير مستعدٍ للحديث، وأن لا تسيء تفسير موقفه هذا.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على تصحيح أقوالنا وأفعالنا حتى يعجِّلَ لنا بالفرَج.
والحمد لله رب العالمين