الحمد لله الذي شهدت له بالربوبية جميع مخلوقاته و أقرت له بالألوهية جميع مصنوعاته وشهدت بأنه الله الذي لا إله إلا هو بما أودعها من عجائب صنعه وبدائع آياته وسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ولا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلاهيته كما لا شريك له في ربوبيته والله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا - سبحان من سبحت له السماوات وأملاكها والنجوم وأفلاكها والأرض وسكانها والبحار وحيتانها والنجوم والجبال والشجر والدواب والآكام والرمال وكل رطب ويابس وكل حي وميت
هذا المقال عن صنف آخر في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم إنه عن عبادة الكائنات لرب الأرض والسماوات , فها هي المخلوقات من أشجار وأحجار وجبال ودواب تسجد لله عز و جل قال الله تعالى(آلم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب.........)
تسبيح الكائنات فقال تعالى (تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) فتسبيحها لا نفقهه نحن البشر وعدم معرفتنا به ليس دليلا على نفيه - إلا أن الله قد خص بعض البشر بمعرفة التسبيح كداود عليه السلام قال تعالى(إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي و الإشراق والطير محشورة كل له أواب) ثم إن هذه الكائنات كانت تعلم وتفهم وتدرك تسبيحها لله , قال الله تعالى (آلم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه) فهذا دليل على أن الكل يسبح لله ويصلي له - وفي حديث عمر وبن عبسة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(ما تستقبل الشمس فيبقى شيء من خلق الله إلا يسبح الله بحمده إلا ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدم )
إذاً هذه الكائنات تسجد وتصلي وتسبح الله وكذلك تستغفر لبعض أوليائه فعن أبى الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[color=red](انه ليستغفر للعالم من في السماوات ومن في الأرض حتى حيتان البحر) وزاد (حتى النملة في جحرها) [/color]
أما الحيوانات فهي عابدة طائعة لله عز وجل مسخرة لمرضاته طائعة لربها فهذا عالم النمل العجيب , منه نملة تستغفر للصالحين وسبقت نملة أخرى تنذر قومها وتصيح بهم رغم ضعف صوتها وضآلة جسمها اسمع لها يا من لا يصيح في الناس ولا ينذرهم ولا يحذرهم من مغبة المعاصي والآثام (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (النمل:18) النملة تسبح الله عز وجل ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال (قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله )متفق عليه واسمع يا من قصرت في الدعاء وقللت منه أو أعرضت عنه فقد ذكر ابن أبي حاتم أن سليمان بن داود خرج يستسقي فإذا نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول اللهم إنا خلق من خلقك ولا غنى لنا عن سقياك و إلا تسقنا تهلكنا , فقال سليمان : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم )
وهناك أشجار تعين على الطاعة وتساعد عليها , قال صلى الله عليه وسلم (ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وها هنا ) ابن ماجه
ثم ننتقل بعد ذلك إلى الجمادات فهي عباد لله مسخرة له طائعة طاعة اختيارية له سبحانه وتعالى . فهذا البحر الخضم يغضب لله يا من يمر على المعاصي فلا يتمعر وجهه ولا يتمزق قلبه إذا رأى المنكرات فروى أحمد في المسند عن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث القدسي عن رب العزة ( ليس من ليلة إلا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات يستأذن الله تعالى أن ينتضح عليهم فيكفه الله عز وجل) وفي رواية أخرى( ما من يوم إلا والبحر يستأذن ربه أن يغرق ابن آدم , والملائكة تعالجه وتهلكه والرب سبحانه يقول دعوا عبدي )لما ادَّعت النصارى أن لله ولدا غضبت الجبال غضبا شديدا قال تعالى ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا - لقد جئتم شيئا إدا - تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق آلا رض وتخر الجبال هدا ) ثم هي تفرح بالطائعين
بقلم : سعيد بن سعد آل حماد