حلقات تحفيظ القُرْآنِ وأثرها فِي استتباب الأمن

[right]حلقات تحفيظ القُرْآنِ وأثرها فِي استتباب الأمن

الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُولِ اللهِ، أمَّا بعدُ:

فَإِن الله جل وعلا قَدْ أنزل كتابه الكريم نوراً وهداية للناس.

قَالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً }النساء174

وَقَالَ: {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }المائدة15 – 16

والأمن التام يتحقق باتباع كتاب الله وسنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

قَالَ تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام82

وإن ما يحصل فِي الدنيا من نكد العيش، وضيق الصدر، واختلال الأمن، وكثرة الفتن والقلاقل، وقلة الخير والبركة، وفشو الأمراض والأوبئة، وكثرة الزلازل والأعاصير والفيضانات كل ما سَبَقَ إنما هُوَ بسبب ابتعادهم عَنْ دين الله الْحَقِّ، وشرعه المطهر..

قَالَ تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }الشورى30

وقَالَ تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الروم41

فالإيمان بكتاب الله، وسنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، والعمل بِهِمَا سبب النجاة والسعادة..

= = = = = = = = = = = =

وَقَد اختص الله الأمة الإسلامية بسلامة كتاب ربها (القُرْآن الكريم) من التحريف والتزييف، وصيانته من عبث العابثين، وانتحال المبطلين ..

قَالَ تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9

ومن الوسائل التي ضمنها رب العزة والجلال لحفظ كتابه تواطؤ أَهْل الخيرية من أمة الإسلام لتعلم القُرْآنِ الكريم وحفظه فِي الصدور ..

قَالَ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ((خيركم من تعلم القُرْآنَ وعلمه)) .

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ((إِنَّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع بِهِ آخرين)) .

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ((يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارْقَ ورَتِّلْ كما كنْتَ ترتل في دار الدنيا فإن مَنْزِلَتَكَ عندَ آخرِ آيَةٍ كنتَ تَقْرَؤُهَا)) .

وَقَدْ بلغ الترغيب بحفظ القُرْآنِ وتلاوته وتحسين الصوت بِهِ مبلغاً عظيماً، حيث إِنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال : ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)) .

وَقَالَ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ((ما أذَن الله لشيء ما أذَن لنبي حَسَنِ الصوت بالقرآن يجهر بِهِ)) .

قال أبو عبيد: " يعني: ما استمع اللهُ لشيءٍ كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن " .

= = = = = = = = = = = =

وإن مما وفق الله لَهُ الأمة المحمدية إنشاء جمعيات ومراكز لتحفيظ كتاب الله، وتعليمه، وتلاوته حق التلاوة ..

وَقَدْ قامت تلك الجمعيات بجهود المخلصين من أبناء الأمة، وبرعاية ولاة الأمر، والعُلَمَاء وطلاب العلم بحفظ الناشئة والشباب من الفراغ القاتل، واللهو الفاسد، والعبث والانحراف..

وَقَدْ حفِظَتْهُمْ بحفْظِ كتاب الله، وحسن تلاوته، والتنافس فِي ذَلِكَ، والترغيب فِي إصلاح النفس، والتئام الأسرة، وحسن الأخلاق والسلوك..

فحلقات تحفيظ القُرْآنِ ومراكز التعليم إِذَا كانت بيد الكفؤ الأمين فلا تسأل عَنِ الخير العميم، والفرح العظيم الذي يحصل للفرد والأسرة والمجتمع ..

وَقَدْ كنت واحداً من الطلاب الذين تعلموا فِي حلقات تحفيظ القُرْآنِ الكريم برابغ، وحفظت كتاب الله فِيْهَا، وَبَعْدَ حفظي لكتاب الله كنت أساعد أستاذي الذي حفظت على يده كتاب الله فِي التدريس، وَبَعْدَ حصولي على شهادة حفظ القُرْآنِ كنت أحد المدرسين فِي حلقات تحفيظ القُرْآنِ الكريم برابغ..

وَقَدْ وجدت من بركة تلك الحلقات، والتعليم فِيْهَا، والتدريس الشيء العظيم فِي نفسي وأهل بيتي وأولادي، والذي أرى أثره فِي حياتي إِلَى يومي هَذَا والحمد لله على فضله وإحسانه.

وأربعة من أبنائي يدرسون فِي حلقات التحفيظ فِي مدينة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، مَعَ متابعتي الدائمة لَهُمْ، وَقَدْ رأيت من الخير الكثير الذي تحقق لَهُمْ بفضل الله ثم ببركة تعلم كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- وجل.

= = = = = = = = = = = =

فينبغي على القائمين على حلقات تحفيظ القُرْآنِ ومراكز التعليم أن يكونوا متذكرين لعظم الأمانة والحمل الذي على ظهورهم، والمسؤولية العظمى على عواتقهم بحماية الشباب والناشئة..

وصيانتهم من العقائد الفاسدة، والأفكار الهدامة..

وتحصينهم بالعقيدة السلفية، وتفقيههم بكتاب الله وسنة رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-..

وتشجيعهم على طلب العلم، واحترام ولاة أمرهم من العُلَمَاء والأمراء..

وأن يكونوا أعيناً ساهرة لحماية دينهم ووطنهم وأمتهم ..

ويجب تربيتهم على أن يكونوا مواطنين صالحين، ومصلحين صادقين، ومؤمنين خيرين، وشباباً أوفياء طاهرين..

فعلى الآباء والأمهات أن يحرصوا على الاستفادة من حلقات تحفيظ القُرْآنِ، ومراكز التعليم ، ودلالة أبنائهم عليها، لاستغلال وقت فراغهم، وفضاء الإجازة الصيفية بما يعود على الأبناء والأسرة والمجتمع بالسعادة والفلاح..

وكذلك عليهم متابعة أبنائهم، ومراجعة ما يتعلمونه حتى يوجهوهم لما فِيْهِ خيرهم وسعادتهم..

وكذلك عليهم معرفة مَنْ يُجالسونَ ومَنْ مَعَهُمْ يدخلون ويخرجون حتى لا يتخطفهم جلساء السوء، ورؤوس الفِتْنَةِ والهوى ..

وَاللهُ أَعْلَمُ. وصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ على نَبِيِّنَا مُحَمَّد

كتبه: أَبُو عمر أسامة بن عطايا العتيبي

الجمعة 29 / 5 / 1427 هـ

http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=336060

[center]جزاكم الله خيرا الجزاء

وجعلكم من اهل القران وخاصته

بارك فيكم وفي جهودكم

تقبل مروري[/center]

» الصحبة وأثرها في السلوك
» الرسوم المتحركة وأثرها على عقيدة الطفل المسلم وقيمه
» ماذا يعني الأمن من مكر الله ؟
» تونس: اعتقال مدير الأمن الرئاسي والآذان يعود
» الأركان التي تحقق الأمن للأمة، وتجعل المصالحة الوطنية في الجزائر الأبية، التي دعا إليها ولي أمرنا على أسس متينة