آية
ظهرت في مكة تدل على قربان الساعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى
وآله وصحبه ومن اتبع هداه وبه اهتدى أما بعد :
فإن الساعة كما قال الله سبحانه وتعالى عنها ولن تجد
أصدق من الله قيلا لآتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور عندها ويحيِهم ليوم
النشور فتُبعثر القبور ويُحصَّل مافي الصدور فويل يومئذ لمن حمل ظلما أو حمل لمن
ولي أمره من المسلمين أو أهله غشا فلم يقم بهم على أمر الله ونهيه وينصح لهم وكلنا
راع وكلنا مسؤول عن رعيته أو كان قلبه يحمل شركا أو بدعة أو حسدا أوحقدا تزلزل
الأرض زلزالها وتحدث عن أخبارها بما صنع عليها من خير وصلاة وصدقة أو شر كغيبة أو
فاحشة أو عقوق أو بدعة أو غش لمسلم أو كلام بغير علم أو شرك وهو أعظم ذنب عصي الله
به على وجه الأرض أو إرادة سوء بأهل الحديث الداعين للتوحيد والسنة الناهين عن
الشرك والخرافة والبدعة أولياء الله .
وتسير الجبال وتصبح
كالعهن المنفوش وترفع هي والأرض فتدك دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء
فهي يومئذ واهية وينزل الرب لفصل الحساب بين عباده والملائكة حافِّين من حول العرش
ويحمل عرش ربك يومئذ ثمانية وتشرق الأرض بنور ربها يومئذ يعرضون على الرب ليس بينهم
وبينه ترجمان ولاتخفى منهم خافية فهو يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور فتبعثر
القبور ويحشرون لله إلى أرض الشام وهي أرض المحشر والمنشر حفاة عراة غرلا ( غير
مختونين ) وتدنو الشمس ويلجمهم العرق على قدر أعمالهم والأمر أشد من أن ينظر بعضهم
إلى عورات بعض كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر يوم
يكون الناس كالفراش المبثوث ويكونون كالسُكارى وما هم بسُكارى ولكن عذاب الله شديد
خائفين مهطعين مقنعي رؤوسهم لايرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم خاوية من كل شيء إلا من
الخوف من المصير لاتسمع لهم إلا همسا ( أصوات أقدامهم يمشون إلى الحشر صامتين بلا
صوت ) يقوم المرابون آكلوا الحرام من قبورهم يتخبطهم الشيطان من المس لأنهم قالوا
إنما البيع مثل الربا واحتالوا في الدنيا بالبيوع الربوية كاليهود كبيع العينة
وظنوا أن لا يقدر الله عليهم كلا لاوزر فلا مفر إلى ربك يومئذ المستقر ينبأ الانسان
يومئذ بما قدم وأخر بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره يعتذر فلا يقبل منه
عذر وقد ظهرت الحجة وبُيِّنت المحجة ومد له في العمر بحيث يتذكر من كان له قلب أو
ألقى السمع وهو شهيد وتكور الشمس وتزلزل الأرض وتفجر البحار وتحشر الوحوش وتعطل
العشار والناس وقتها عارفون أنهم إلى الله محشورون
فأخبر
الرب باقتراب الساعة فقال :
اقتربت الساعة وانشق القمر
روى الإمام أحمد في مسنده عَنْ أَنَسٍ سَأَلَ أَهْلُ
مَكَّةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً فَانْشَقَّ الْقَمَرُ
بِمَكَّةَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ
يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ
قال تعالى وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر ولقد جاءهم من الأنباء
مافيه مزدجر حكمة بالغة فما تغن النذر .
فاستيقظوا ياعباد
الله قبل أن تطلع الشمس من مغربها بالتوبة النصوح قبل الندم فإنها إذا طلعت من
مغربها لاتنفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب
العالمين
فالساعة تأتي بغتة وكذا الموت والقبر صندوق العمل
فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الساعة تقوم والرجل قد رفع يده باللقمة إلى
فيه ولما يدخلها فيه
ولقد جاء نبأ عظيم عن واحد من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم الأمين بعلامة من أشراط الساعة ظهرت في مكة من قريب وليس
من زمن بعيد وبعيد وهو أن البناء قد علا رؤوس الجبال فصارت العمائر أطول من قمم
جبال مكة ترى مثال ذلك إذا أقبلت من الغرب من جهة الخط السريع الطالع من جدة إلى
مكة شرّفها الله وحرسها من كيد الاشرار وزيغ الضلّال وظلم الفجّار
وقد جاء ذلك مصرحا به فيما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه
مصنف ابن أبي شيبة ج7/ص461
برقم 37232 حدثنا غندر عن
شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه قال : كنت آخذاً بلجام دابة عبد الله بن عمرو فقال :
كيف أنتم إذا هدمتم البيت ، فلم تدعوا حجراً على حجر
قالوا
: ونحن على الإسلام ؟
قال : وأنتم على
الإسلام
قال : ثم ماذا ؟
قال : ثم
يبنى أحسن ما كان فإذا رأيت مكة قد بُعِّجت كظائم ورأيت البناء يعلو رؤوس الجبال
فاعلم أن الأمر قد أظلّـك
إسناده لابأس به
ورجاله ثقات إلا والد يعلى وهو عطاء مقبول ولكنه سمعه بنفسه وتلقاه عنه ابنه
وهو خبر غريب من اشراط الساعة فحري أن يحفظه الضعيف
وعبدالله ابن عمرو وإن سمع من أهل الكتاب ولكنه جزم به وذكره مع أمر قد ثبت
به الحديث وهو هدم الكعبة فبعيد أن يكون خبره هذا من اسرائيلياته
وقد رأينا الآن البناء قد علا رؤوس الجبال
ومعنى
كظائم أي قنوات كما في غريب اللغة
فلعلها أنفاق مكة
للسيارات في الجبال أو شبكات المياه وقنواته والصرف الصحي فالله
أعلم
نعم عباد الله اقتربت الساعة فكيفنهنأ بفراش وثير
ومركب هنيء نغفل بهما عن الساعة والاعداد له بالعلم النافع والعمل الصالح
روى الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ
قَد الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَاسْتَمَعَ الْإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ
فَيَنْفُخُ فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا .
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا
حَدِيثٌ حَسَنٌ
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني